عَلْيَه ... والشمس السارقة !
” الساخر كوم ”
كانت تمد لنا بساطا من حكايات عن ” أبي زيد الهلالي ” وعشيقته ” علياء ” كما قرأت اسمها في الكتب بعد ذلك ، أو ” عَلْيَه ” كما كان في فم جدتي !
” عليه ” .. حلوة كالقمر ، شعرها حرير ، أنفاسها نسيم ، وخصرها كعود خيزان !
جدتي أوتيت مجامع الكلم ! أو أنها تحتفظ في صندوقها العتيق الذي لايسمح لنا بلمسه بكنز من الكلمات السحرية المخبأة في في قارورة مجلوبة من نجمة بعيدة ، هكذا كنت أرى !
تشبيهاتها فاقعة الألوان ، مبهرة لـطفل … كانت أثقل من وزن خيالي !
مات جدي ، واختارت جدتي اللحاق به ، والمنزل العربي صار أثرا بعد عين ، وأصبحت كهلا بـعمر جرح … وما زال شعراؤنا يرددون نفس الكلام ، فما زال خالد الفيصل يرى عين محبوبته كعين المها وثغرها كـجمر متقد ! أُقسم أنه من ” متشابه الكلام ” ، وتقسم الصُحف في بلادي أنه من الراسخين في الشعر !
أستعيذ بـالله من ” ينساب ” …. وأحاول أن أنسى !
لا أملك مواصفات ” فارس ” حسب مقاييس حكايات جدتي ، لا أصلح بطلا لـرواية !
لا أملك حساما .. ولم أمتطي فرسا ! لكنني هِمت بـ ” عليه ” !
رُغم أنه في بلادي يحصل الحصان الفائزفي سباقات الفروسية على حبة سكر و ” الجوكي ” الانجليزي على قطعة ” شيك ” ويمنح صاحب السمو لقب فارس لأنه ” مالك ” الحصان !
بـ ” مالك ” تستطيع أن تكون ” مالكا ” لكل شيء !
صاحب السمو لا يعرف الفرق بين ” الحدوة ” و” اللجام ” ، وسموه يفضل الوقوف على المقعد الخلفي
في سيارة B.M.W. على الجلوس فوق ظهر حصان .. لكن رغم أنفي وأنفك ” فارس ” وأشجع من
” أبي زيد الهلالي ” ! .
تجتاحني ” ينساب ” .. فـأهرب وأحاول أن أنسى !
كنت دوما أحلم بـ ” عليه ” ، نقشت المواويل الحزينة على معصمي ، وحفظت كل أغاني البحارة ، كي أهديها لـ ” عليه ” حين نلتقي !
عَتَّقت قصائد العشاق في جِرار الذاكرة … ” وكلها لعيون عليه ” ! .
أغبى الأماني هي التي ننفق عمرا في انتظارها وهي حتما ستأتي دون تمني !
كنت أتمنى أن أكبر أسرع .. كي ألتقي ” عليه ” !
لم أكن أعرف ” وحده الزمن سيمضي دون رجاء من أحد ” … لذا كبرت دون واسطة !
لا تسلني كيف يمضي العمر .. ليتني أعرف !
ولا تسلني عن أطباع الناس .. ولم يسألون عن عمري … ” ومتى اتزوج ” ؟
في كل محفل ومجلس .. يجب أن يطربني ” غبي ” بـ ” متى اتزوج ” ؟!
أعلم أن هذا الغبي لا يعنيه أن أتزوج أو أتخرج بـشهادة وفاة من هذه الحياة !
وأن باب هذه الغرفة التي تجمعنا أكثر صدقا منه ، هذا الباب سيذكرني بعد أن أرحل وهو لن يفعل !
كل ما في الأمر جغرافيا المكان ، وحتمية الثرثرة !
فـحين يجمعنا مكان ما .. في وقت ما .. نتدثر بالكلمات كي لا يفضح عوراتنا الصمت !
نتحدث عن ” الفلوجة ” أو شارون ، عن ” شاكيرا ” أو الأسهم .. أو حتى ” متى أتزوج ” ؟! .
تؤنسنا الكلمات … فـوحده الكذاب يخاف من الصمت !
أبتلع جمرا من غيظ ووجع .. وأجيب بالمتشابه من الكلمات … ” متى مالله راد ” !
ليس عندي من الوقت والحرف ما يكفي لأحكي لـكل الناس عن جدتي .. وعن عمري الذي يمضي في رجا ” عليه ” التي لا تأتي .
في كل يوم هذه الشمس السارقة .. تغصِبني عمرا ، وتهديني حزنا وتجاعيدا في القلب !
ليتهم يجرون عمليات قلب تجميلية .. محتاج أنا لـِشد قلبي !
مشغولون نحن بتزيين وجوهنا .. وتقبيح قلوبنا !
رحمك الله يا جدتي وغفر لكِ ذنبك .. ووصفكِ لـ ” عليه ” !
أحرقوا كل أساطير العشق العتيقة ، ودواوين الشعر الصفيقة .. واكتتبوا في ” ينساب ” ! .
ملاحظة …
ينساب : من المفترض أنها شركة مطروحة للتداول !
Archived By: Crazy SEO .
تعليقات
إرسال تعليق