إعترافات مؤجلة ... متلازمة العصافير..

” الساخر كوم ”

لا أذكر أول حرف صافحته ..

أول ورقة بذرت فيها حديثا ضاقت بها الذاكرة … نفتها نسيانا .

غير أني أذكر .. كنت دوما في حالة كتابة … عند الكآبة والشجن .. في ليالي النزق والأرق …

في تجليات العشق والعتق … وما أجود الدنيا بكل ما سبق .

كنت أظن ( وكل ظني إثم ) … أنني قادر على إعادة ترتيب الأشياء … طلاء الجدران .. تشذيب

الأشجار … تلقيح الأزهار … فقط بـ ” قلم ” .

كنت مؤمنا حد اليقين … أن أجمل أجمل امرأة في الدنيا ستهيم بي عشقا وكلفا … ستمنحني جدائلها

وسادة … فقط بـ ” رسالة ” .

تعلمت .. الألماس أكثر بريقا ونقاوة من الإحساس … إن هي إلا بضع خيبات غرامية ..ضريبة

السذج .. دفعتها بكل إخلاص وحفاوة .. !!

كنت أعتقد .. أنني حين أكتب فأنا قادر على شفاء الأكمه والأبرص والأعمى …

وأني أشكل من الورق كهيئة الطير .. وأنفخ فيها حرفا .. فيستحيل طيرا يحلق إلى ربوة نجمة …

علمتني نشرات الأخبار … كل القصائد لاتساوي رغيفا .. أو قنينة دواء .. ندفعها لطفل رواندي

سف منه الجوع والمرض .. صار جثة بلاكفن ..

كنت مخبولا .. يحسب الدنيا تدور حول محور قلمه ألمه … لافرق ..

كبرت .. وتعلمت .. حين تسقط ورقة من شجرة لاتموت الشجرة ولا تهاجر العصافير … وأن

الشمس حين تشرق لا تطرق نافذتي مستأذنة .. وحين تغيب لا تمنحني تذكرة .. !!

في زمن غابر .. زمن عتيق سحيق .. كنت أنتشي فرحا وأهيم جذلا لكلمة إطراء في حرف صنعته

ترتجف أطرافي كما يرتجف قلب مراهقة خليجية تغزل بها صبي وسيم .. في حارة منسية على

قارعة الدنيا .. !!

ذاك الشعور تلاشى .. مات .. والموت ليس له أبواب خلفية .. ولاتجدي معه الحيل التوافقية …

من يذهب إلى خرائبه لا يعود ..

تنبت في أحواض عيني شجرة استفهام عملاقة .. تشرب من دمعي وسهدي .. وتورق كلما زادت

روحي تصحرا .. لماذا نكتب ؟؟

لماذا نكتب .. والأشياء هي الأشياء … والأسماء هي الأسماء .. قبل .. وبعد الكتابة ؟؟

لا شجرا أنبتنا .. ولا مطرا أنزلنا ..

لا رياحا صنعنا .. ولا بابا فتحنا .. (( كل قصائد الثوار لم تزد زنزانة صغيرة سم يتيما )) .

لماذا نكتب ..

وفي كل ورقة بيضاء نغتصب طهرها وعفافها .. تقطع شجرة ويغتال غصن .. كي تصنع الدفاتر

أواه .. كم عصفورا تشرد .. وكم عشا احترق لنمارس خطية الكتابة ؟؟ (( الدفاتر خناجر في قلوب

العصافير )) .

اغفروا لي بوحي ونوحي … إن هي إلا زفرات مغترب على ضفاف الحبر ومدارات الورق ..

قد نلتقي … إلى اللقاء .

الشبّاك

Archived By: Crazy SEO .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سفر الخروج : العشاء الأخير !!

مرحبا .. أنا اسمي محمد !

الكلام "الذي" يـموت !!