يوسف أيها الصِّديق ...
” الساخر كوم ”
وجهك لا يفارقني هذه الأيام ، متواطئا مع شيء خفي ، لاغتيال أساطير أمي عن فرحة العيد والثوب الجديد .
لماذا الآن يا يوسف ؟ وليس قبله أو بعده ؟!
أتراك تعلم أنني على شفا حفرة من فرح .. وأردت تحذيري من الغفلة وإبعادي عن الشَرَك ؟!
أم هي عوارض الخريف ، وأحزان الورق الأصفر الضعيف ..؟
لكنني آمنت بمشاعية الحزن ، وبـسطوته على كل الفصول .. تشهد بذلك رزنامة أيامي !
ثم يا هذا الرفيق ..
تعلم جيدا .. هنا لا يوجد إلا صيف مالح .. وشتاء أضاع معطفه .. فكيف يولد الخريف من رحم ربيع
معدوم .. ؟!
أرجوك ..
لا تقل لي في حضور الموت تتألق الحياة .. ولا تحدثني عن الوجهين والعملة .. فقد سئمت الفلسفات الصدئة والنظريات المهترئة .. !
غريب أمر هذا الموت ..
فلو أنني سُئِلت لكنت أنت آخر القائمة .. وخلف كل الرفاق !
فتى إحسائي طويل كالنخيل ، ونحيل قابل للكسر .. من زفرة آه لـ .. مغترب
مسيرة من فرح ، ومظاهرة احتجاج طفولية ..
أكثرنا إقبالا على الحياة واحتضانا للمباح من الرياح ..
رأى الموت أن في ذلك تحرشا به وتحديا لمنطقه وتعديا على منطقته .. فقطفه !
أم تراه استكثره عليـنا .. فـخطفه !
أفي بلاد النفط تموت الرعية .. كما تموت الكلاب الضالة … على جوانب الطريق !
طريقة مبتكرة لـتحديد النسل بـما لا يتعارض مع الشريعة السمحاء ، فمن تراه يعترض على مشيئة السماء !
ولو رفعت الصوت .. أنا لا أعترض على الموت .. لكنني أحتج ..
أعمدة الإنارة مصابة بالعمى ، والدروب يأكلها الرعاش … !
لو رفعت الصوت .. أنا لا أعترض على الموت .. لكنني أحتج
لا تزرعوا الإسفلت في بيروت والرباط .. وتهملوا تبوك والإحساء !
لـكنت قد مَرَقت من الدين كـما يمرق السهم من الرمية .. وأُعطيت صكا بالزندقة !
كنت تحلم بالجامعة ، فكانت الخاتمة أن صار كفنك مركبتك ، وطريق الإحساء مقبرتك !
دوما كنت تركب حذاءك وتقود جسدك الهش بقدمك ، ربما لأنك لا تملك ثمن سيارة ، وربما لأن صدرك الموسوم بـالربو لم يرد أن يهدي الأطفال سما والسماء عادما …. وليتك بقيت هكذا !
خَطر لي .. أن ألقي القبض على شيء منك وأزرعه على الورق ..
خَطَر لي .. أن أرسمك حرفا ونزفا وأهديك إلى الرفاق .. أو من بقي منهم !
لكنني أعرضت صفحا … كي لا أنكأ الجراح وأتهم بالنبل والوفاء
والحق أقول .. استعذت من الورق وأعتقت القلم .. وليتك يا يوسف تعتقني لـوجه الله !
يوسف أيها الصِّديق …
أريد أن أحيا أقل حزنا … وأكثر عمرا .. !
أريد أن أُحِب .. وأن أُحَب ..
أن أمارس سذاجة الفرح .. وغفلة الحياة .
أريد أن أمشي الدرب من أوله .. كـكل البشر ..
أريد أن أكبر كل يوم … يوما ..
لكنك تُجبرني …
أن أشاهد العرض من آخره !
يوسف …
عالق وجهك في ذاكرتي .. كما تعلق الأعشاب البحرية في الصخور الناتئة على سواحل الخليج ..
وبـكل ما على هذا الكوكب من أنانية .. أصيح ملأ السماء ..
يوسف بحق الله … أعتقني !
فـلست أنا من ألقاك في غياهب الجب .. وَأقسم أنه الذئب !
قد التقطتك ” السيارة ” .. وأنا لا أحسن الصبر وليس لي فؤاد … كفؤاد يعقوب ..!
Archived By: Crazy SEO .
تعليقات
إرسال تعليق